سيكلوجية الرجل
دكتور / محمد المهدي
استشاري الطب النفسي
هل هناك صفات مشتركة بين جنس الرجال تميزهم كما أن هناك صفات مشتركة بين
جنس النساء تميزهن ؟ .. أم أن كل رجل هو بمثابة حالة خاصة له صفاته المميزة
له وحده وبالتالي يصبح التعميم خاطئاً ؟ وهل هناك مفاتيح لفهم الرجل تساعد
المرأة حين تتعامل معه على الدخول لعالمه وفك أسراره وفهم مواقفه ؟!
*هل الرجل إنسان والمرأة أيضاً إنسانة ولا توجد فروق قائمة على النوع وإنما
الفروق قائمة على طبيعة كل إنسان أو إنسانة وعلى البيئة المحيطة به أو بها
، أو كما يقولون أن الإنسان هو الوراثة مضروبة في البيئة ؟
من متابعة الدراسات والأبحاث والملاحظات وتاريخ الرجل عبر العصور نجد أن
هناك سمات مشتركة ومفاتيح محددة تميز جنس الرجال وتسهل فهم طريقة تفكيرهم
وسلوكهم . ويبدو أن هذه السمات المشتركة لها جذور بيولوجية ( التركيب
التشريحي والوظائف الفسيولوجية وخاصة نشاط الغدد الصماء ) , وجذور تتصل
بدور الرجل في المجتمعات المختلفة ، فمما لا شك فيه أن التركيبة الجسمانية
العضلية للرجل وما يحويه جسده من هرمونات ذكورة وما قام به من أدوار عبر
التاريخ مثل العمل الشاق , وحماية الأسرة , والقتال ، وممارسة أعمال الفكر
والإدارة ، وقيادة أسرته ورعايتها ، كل هذا جعله يكتسب صفات مميزة يمكن
الحديث عنها كسمات رجولية تميزه عن عالم النساء . وهذا لا ينفي وجود فروق
فردية بين الرجال ( كما هي بين النساء ) تستدعي الانتباه .
والآن نحاول استعراض أهم السمات العامة ومفاتيح شخصية الرجل :
1- التميز الذكوري : في بداية التاريخ الإنساني كانت الآلهة غالباً تأخذ
الشكل الأنثوي في التماثيل التي كانوا يصنعونها ، وكان هذا التقديس للأنثى
قائم على قدرتها على الإنجاب وإمداد الحياة بأجيال جديدة ، ولكن مع الزمن
اكتشف الرجل أن الأنثى لا تستطيع الإنجاب بدونه ، إضافة إلى أنه هو الأقدر
على دفع الحيوانات والوحوش عنها وعن أسرته , وهو الأقدر على قتال الأعداء
لذلك بدأ التحول تدريجياً ففي بعض المراحل التاريخية نجد أن تمثال الرجل
يساوي تقريباً تمثال المرأة ، ثم تحول الأمر بعد ذلك ليعلو تمثال الرجل على
تمثال المرأة حيث اكتشف الرجل أدواره المتعددة وقدرته على السيطرة والتحكم
وتغيير الأحداث في حين انشغلت المرأة بأمور البيت وتربية الأبناء . ومن
هذه المرحلة بدأت فكرة التميز الذكوري وترسخت مع الزمن ، وكان يسعد بها
الرجل السوي وتسعد بها المرأة السوية والتي تعرف أنها تمتلك هي الأخرى في
المقابل تميزاً أنثوياً من نوع آخر يناسب تكوينها ودورها . ولكن الرجل في
بعض المراحل التاريخية وخاصة في فترات الاضمحلال الحضاري راح يبالغ في "
تميزه الذكوري " حتى وصل إلى حالة من " الاستعلاء الذكوري " وفي المقابل
حاول وأد المرأة نفسياً واجتماعياً وأحياناً جسدياً فحط من شأنها واعتبرها
مخلوقاً " من الدرجة الثانية " وأنها مخلوق " مساعد " جاء لخدمته ومتعته
وأنها مخلوق " تابع " له . وهذا التصور العنصري المخالف لقواعد العدل
والأخلاق والمخالف لتعاليم السماء في الدين الصحيح دفع المرأة لأن تهب
دفاعاً عن كيانها ضد محاولات السحق من الرجل ، ومن هنا نشأت حركات التحرر
في البداية لتعيد للمرأة كرامتها وحقوقها من أيدي الرجال المستبدين ، ولكن
بعض هذه الحركات بالغت في حركتها ومطالبها وسعت عن قصد أو عن غير قصد لأن
تجعل المرأة رجلاً ظناً منها أن هذه هي المساواة ، وقد أفقد هذا التوجه
المرأة تميزها الأنثوي الذي هو سر وجودها ، وأصبح الأمر معركة وجود وندية
مع الرجل ، وخسر الاثنان ( الرجل والمرأة ) تميزهما الذي منحهما الله إياه
ليقوم كل بدوره ، وبما أن المرأة والرجل مخلوقان لله سبحانه وتعالى فلا
نتصور أن يتحيز الخالق لأحد مخلوقاته ضد الآخر ، ولكنها الأدوار والمهام
والواجبات ، والعدالة في توزيع التميز في جوانب مختلفة لكي تعمر الحياة .
والرجل يكمن في داخله الشعور بالتميز الذكوري ، وهذا الشعور يجعله حريصاً
على القيام بدور القيادة والرعاية للمرأة وللأسرة وينبني على هذا الشعور
مفهوم القوامة ، وهو مفهوم عميق في نفس الرجل وجاءت الأديان السماوية تؤكده
كشيء فطري لازم للحياة ، فما من مشروع أو مؤسسة إلا وتحتاج لقيادة حكيمة
وخبيرة وناضجة ، ولما كانت مؤسسة الأسرة هي أهم المؤسسات الاجتماعية عبر
التاريخ الإنساني كان لابد من الاهتمام بقيادتها ، وقد ثبت عملياً أن الرجل
( في معظم الأحيان ) جدير بهذه القيادة بما تميز به من صفات القوة الجسدية
والقدرة على العمل الشاق وكسب المال ورعاية الأسرة والتأني في اتخاذ
القرارات .
والقوامة ليست استعلاءا أو استبداداً أ و تحكماً أو تسلطاً أو الغاءاً
للمرأة كما يفهم بعض الرجال ، وإنما هي رعاية ومسئولية وقيادة منطقية عادلة
واحترام لإرادة المرأة وكرامتها كشريك حياة ورفيق طريق ، والمرأة السوية
تشتاق من أعماقها لتلك القوامة الرشيدة والتي تعني لها قدرة رجلها على
رعايتها واحتوائها وحمايتها وتلبية احتياجاتها واحتضانها كي تتفرع هي
لرعاية واحتواء وحماية واحتضان وتلبية احتياجات أطفالها .
والمرأة التي تنتزع القوامة من زوجها تصبح في غاية التعاسة ( في حالة كونها
سوية وليست مسترجلة ) لأنها تكتشف أنه فقد رجولته وبالتالي تفقد هي
أنوثتها .
وربما لا يعجب هذا الكلام بعض الزعيمات النسائيات ، ونحن نؤكد هنا أننا
نتكلم بشكل علمي موضوعي قائم على الدراسات والملاحظات بعيداً عن المداهنات
السياسية أو الاجتماعية .
2 - القوامة : هي روح الرجولة ، وإذا حاولت المرأة انتزاعها ( غيرة أو
تنافساً ) فإنها في الحقيقة تنتزع رجولة الرجل ولا تجد فيه بعد ذلك ما
يستحق الإعجاب أو الاهتمام ، بل تجده إنساناً ضعيفاً خاوياً لا يستحق لقب
فارس أحلامها ولا يستحق التربع على عرش قلبها . والمرأة السوية لا تجد
مشكلة في التعامل مع قوامة الرجل السوي الذي يتميز فعلاً بصفات رجولية
تؤهله لتلك القوامة لأن القوامة التي وردت في الآية القرآنية الكريمة
مشروطة بهذا التميز ، يقول تعالى " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله
بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " ، فلكي يستحق الرجل القوامة عن حق
في نظر المرأة يجب أن يكون ذا فضل وذا قدرة على الكسب والإنفاق ، أما إذا
اختلت شخصيته فكان ضعيف الصفات ، محدود القدرات ويعيش عالة على كسب زوجته
فإن قوامته تهتز وربما تنتقل لأيدي المرأة الأقوى بحكم الأمر الواقع
وقوانين الحياة .
3- تعددية الرجل ( مقابل أحادية المرأة ) : والتعددية في الرجل مرتبطة
بتكوين بيولوجي ونفسي واجتماعي ، فالرجل لديه ميل للارتباط العاطفي وربما
الجنسي بأكثر من امرأة ، وهذا لا يعني في كل الأحوال أنه سيستجيب لهذا
الميل ، فالرجل الناضج الرزين يضع أموراً كثيرة في الاعتبار قبل الاستجابة
لإشباع حاجاته البيولوجية والنفسية ، وربما يكمن خلف هذه الطبيعة التعددية
طول سنوات قدرة الرجل العاطفية والجنسية مقارنة بالمرأة حيث لا يوجد سن يأس
للرجل ، ولا يوجد وقت يتوقف فيه إفراز هرمونات الذكورة ولا يوجد وقت تتوقف
فيه قدرته على الحب والجنس ، وإن كانت هذه الوظائف تضعف تدريجياً مع السن
ولكنها تبقى لمراحل متقدمة جداً من عمره ، وهذا عكس المرأة التي ترتبط
وظيفة الحب والجنس لديها بالحمل والولادة والاندماج العميق في تربية
أطفالها ، ثم انقطاع الدورة في سن معين ( مبكر نسبياً ) وهبوط هرمونات
الأنوثة في هذا السن مع تغيرات بيولوجية ملحوظة . هذا الموقف يجعل المرأة –
السوية – أكثر ميلاً لأحادية العلاقة كي تضمن استقراراً تتمكن فيه من
رعاية أطفالها ، إضافة إلى تقلبات حياتها البيولوجية والتي تستدعي وجود راع
ثابت ومستقر يواكب مراحل حياتها ويتحملها حين تفقد بعض وظائفها . وربما
يقول قائل : وما تفسيرك للبغاء في النساء ، وهو سلوك جنسي تعددي وأيضا
الخائنات من الزوجات ، والرد على ذلك هو أننا نتكلم عن القواعد في المرأة
السوية ، أما المرأة البغي والمرأة الخائنة فلكل واحدة منهن تركيبتها
النفسية التي تجعلها في عداد الاستثناءات التي تثبت القاعدة ولا تنفيها .
والرجل شديد الانبهار بجمال المرأة ومظهرها وربما يشغله ذلك ، ولو إلى حين ،
عن جوهرها وروحها وأخلاقها ، وهذا يجعله يقع في مشكلات كثيرة بسبب هذا
الانبهار والانجذاب بالشكل . وهذا الإنبهار والإنجذاب ليس قاصرا على
البسطاء أو الصغار من الرجال وإنما يمتد ليشمل أغلب الرجال على ارتفاع
ثقافتهم ورجاحة عقولهم .
4- الرجل طفل كبير : هذا المفهوم كنت أعتقد أنه من قبيل الكلمات المرسلة
والتي يستخدمها الناس بلا وعي في مزاحهم ، ولكنني وجدت إلحاحاً على معناه
في أكثر من دراسة واستطلاع رأي للرجال والنساء ، ويبدو أن هناك شبه اتفاق
على هذه الصفة في الرجل ، فعلى الرغم من تميزه الذكوري ، واستحقاقه (
غالباً وليس دائماً ) للقوامة ورغبته في الاقتران بأكثر من امرأة ، إلا أنه
يحمل بداخله قلب طفل يهفو إلى من تدلله وتداعبه ، بشرط أن لا تصارحه بأنه
طفل ، لأنها لو صارحته فكأنها تكشف عورته , ولذلك تقول إحدى النساء بأن من
تستطيع أن تتعامل مع الأطفال بنجاح غالباً ما تنجح في التعامل مع الرجل .
والمرأة الذكية هي القادرة على القيام بأدوار متعددة في حياة الرجل ، فهي
أحياناً أم ترعى طفولته الكامنة ، وأحياناً أنثى توقظ فيه رجولته ،
وأحياناً صديقة تشاركه همومه وأفكاره وطموحاته ، وأحياناً ابنة تستثير فيه
مشاعر أبوته .... وهكذا ، وكلما تعددت وتغيرت أدوار المرأة في مرونة وتجدد
فإنها تسعد زوجها كأي طفل يسأم لعبه بسرعة ويريد تجديداً دائماً ، أما إذا
ثبتت الصورة ، وتقلصت أدوار المرأة فإن هذا نذير بتحول اهتمامه نحو ما هو
جذاب ومثير وجديد ( كأي طفل – مع الاعتذار للزعماء من الرجال ) .
5- الطمع الذكوري : هو إحدى صفات الرجل حيث يريد دائماً المزيد ولا يقنع
بما لديه خاصة فيما يخص المرأة وعطائها ، فهو يريد الجمال في زوجته ويريد
الذكاء ويريد الحنان ويريد الرعاية له ولأولاده ، ويريد الحب ويريد منها كل
شيء ، ومع هذا ربما ، بل كثيراً ما تتطلع عينه ويهفو قلبه لأخرى أو أخريات
، وهذا الميل للاستزادة ربما يكون مرتبطاً بصفة التعددية لدى الرجل والتي
سبق الحديث عنها . وربما تكون هاتان الصفتان ( الميل للتعددية والطمع
الذكورى ) خادمتان للطبيعة الإنسانية ولاستمرار الحياة ، فنظراً لتعرض
الرجل لأخطار الحروب وأخطار السفر والعمل نجد دائماً وفي كل المجتمعات
زيادة في نسبة النساء مقارنة بالرجال ، وهذا يستدعي في بعض الأحيان أن يعدد
الرجل زوجاته أو يعدد علاقاته حسب قيم وتقاليد وأديان مجتمعه وذلك لتغطية
الفائض في أعداد النساء . والمرأة الذكية هي التي تستطيع سد نهم زوجها وذلك
بأن تكون " متعة للحواس الخمس " ( كما يجب أن يكون هو أيضاً كذلك ) ، وهذه
التعددية في الإمتاع والاستمتاع تعمل على ثبات واستقرار وأحادية العلاقة
الزوجية لزوج لديه ميل فطري للتعدد ، ولديه قلب طفل يسعى لكل ما هو مثير
وجديد وجذاب .
5- الرجل يحب بعينيه غالباً ( والمرأة تحب بأذنها وقلبها غالباً ) : وهذا
لا يعني تعطيل بقية الحواس وإنما نحن نعني الحاسة الأكثر نشاطاً لدى الرجل ،
وهي حاسة النظر ، وهذا يستدعي اهتماماً من المرأة بما تقع عليه عين زوجها
فهو الرسالة الأكثر تأثيراً ( كما يستدعى من الرجل اهتماما بما تسمعه أذن
زوجته وما يشعر به قلبها تبعا لذلك ) . وربما نستطيع أن نفهم ولع المرأة
بالزينة على اختلاف أشكالها , وقول الله تعالى عنها " أو من ينشأ في الحلية
وهو في الخصام غير مبين " دليلاً على قوة جذب ما تراه عين الرجل على قلبه
وبقية كيانه النفسي . ثم تأتي بقية الحواس كالأذن والأنف والتذوق واللمس
لتكمل منظومة الإدراك لدى الرجل ، ولكن الشرارة الأولى تبدأ من العين ،
ولهذا خلق الله تعالى الأنثى وفي وجهها وجسدها مقاييس عالية للجمال
والتناسق تلذ به الأعين , ولم يحرم الله امرأة من مظهر جمال يتوق إليه رجل .
وفي علاقة الرجل بالمرأة نجد أن في أغلب الحالات المرأة هي التي تختار
الرجل الذي تحبه ، ثم تعطيه الإشارة وتفتح له الطريق وتسهل له المرور ،
وتوهمه بأنه هو الذي أحبها واختارها وقرر الزواج منها في حين أنها هي صاحبة
القرار في الحقيقة , وحتى في المجتمعات التقليدية مثل صعيد مصر أو
المجتمعات البدوية نجد أن المرأة رغم عدم ظهورها على السطح إلا أنها تقوم
غالباً بالتخطيط والاقتراح والتوجيه والتدبير ، ثم تترك لزوجها فرصة الخروج
أمام الناس وهو " يبرم " شاربه ويعلن قراراته ويفخر بذلك أمام أقرانه من
رؤساء العشائر والقبائل .
وقد نفتقد هذه الصفات الرجولية في شخص ذكر ، وقد نجدها أو بعضها في امرأة
وعندئذ نقول بأنها امرأة كالرجال أو امرأة بألف رجل لأنها اكتسبت صفات
الرجولة الحميدة ، وهذا لا يعني أنها امرأة مسترجلة فهذا أمر آخر غير محمود
في المرأة وهو أن تكتسب صفات الرجولة الشكلية دون جوهر الرجولة .
6- الرجل صاحب الإرادة المنفذة والمرأة صاحبة الإرادة المحركة : فكثيراً ما
نرى المرأة تلعب دوراً أساسياً في التدبير والتخطيط والتوجيه والإيحاء
للرجل ، ثم يقوم الرجل بتحويل كل هذا إلى عمل تنفيذي وهو يعتقد أنه هو الذي
قام بكل شيء ، خاصة إذا كانت المرأة ذكية واكتفت بتحريك إرادته دون أن
تعلن ذلك أو تتفاخر به.
7- بين الذكورة والرجولة : ليس كل ذكر رجلاً ، فالرجولة ليست مجرد تركيباً
تشريحياً أو وظائف فسيولوجية ، ولكن الرجولة مجموعة صفات تواتر الاتفاق
عليها مثل : القوة والعدل والرحمة والمروءة والشهامة والشجاعة والتضحية
والصدق والتسامح والعفو والرعاية والاحتواء والقيادة والحماية والمسئولية .
- أمام من يمدحه ويثني على تفوقه وتميزه
- وأمام امرأة ذات أنوثة عالية تستدعي رجولته وتوقظها .
8- الرجل يهتم بالعموميات خاصة فيما يخص أمور الأسرة ( في حين تهتم المرأة
بالتفاصيل ) : فنجد أن الرجل لا يحيط بكثير من تفاصيل احتياجات الأولاد أو
مشكلاتهم وإنما يكتفي بمعرفة عامة عن أحوالهم في حين تعرف الأم كل تفاصيل
ملابسهم ودروسهم ومشكلاتهم . وهذا الوضع ينقلب في الحياة العامة حيث نجد
الرجل أكثر اهتماماً بتفاصيل شئون عمله والشئون العامة . أي أن الاهتمام
هنا اهتماماً انتقائياً ، وربما يكون هذا كامناً خلف الذاكرة الانتقائية
لكل من الرجل والمرأة ، تلك الظاهرة التي جعلت شهادة الرجل أمام القضاء
تعدل شهادة امرأتان ، وهذا ليس انتقاصاً من ذاكرة المرأة ، وإنما يرجع
لذاكرتها الانتقائية الموجهة بقوة داخل حياتها الشخصية وبيتها ، في حين
تتوجه ذاكرة الرجل التفصيلية نحو الحياة العامة .
9- العمل والنجاح بالنسبة للرجل يعادل الأمومة بالنسبة للأنثى : ولهذا لا
تستغرب المرأة إعطاء الرجل ( السوى ) كثيراً من وقته وتفكيره وانشغاله
لعمله وطموحه ونجاحه ، لأن كل هذا يحقق له كمال رجولته ، ذلك الكمال الذي
يحتاج التفوق على أقرانه والبروز عليهم أو من بينهم ، فالرجل السوي يجب أن
يكون مميزاً وناجحاً وسباقاً ، وهذا يستدعي بذل الكثير من الجهد في مجال
عمله وحياته العامة .
10- الغيرة المعقولة صفة أصيلة في الرجل السوي : وهي تزداد وتصل إلى درجة
الشك والاتهام في حالة الشخصية البارانوية ( الجنسية المثلية الكامنة )،
وتضعف إلى درجة الانعدام في حالة الجنسية المثلية الظاهرة .
11- الرجل ضعيف جداً أمام شيئين :
12- علاقة الرجل بأمه تحدد إلى حد كبير علاقته بالمرأة بوجه عام : فهي أول
بروفة للعلاقة بالمرأة وتنطبع في أعماقه إيجاباً أو سلباً ، وبناءاً على
شكل ومحتوى هذه العلاقة نجد بعض الرجال يبحثون عن صورة الأم في كل امرأة
يلقونها ، وبعضهم الآخر يبحث عن عكس هذه الصورة ، ولكل منهم دينامياته التي
تحتاج لكثير من الإيضاح والتفسير يضيق عنه هذا المقام .