قيمة الدعاء...................

قيمة الدعاء
، مناجاة وخضوع و تذلل، مناجاة استسلام و إيمان، مناجاة الضعيف للقوي، مناجاة المحتاج للغني، مناجاة المخلوق للخالق ، وصلة للعبد بربه.
فلا عجب أن بغضب الله تعالى على من يعزف عنه، كما قال صلى الله عليه و سلم: (( من لم يدع الله غضب عليه ))(1)
فأعجز الناس من عجز عن الدعاء (2)
و لا ينجو من الكرب و الحزن إلى السعادة و الهناء إلا من دعاء الله بدعاء كدعاء الغريق يلح فيه و يكثر من قرع الباب ، فإنه من أكثر من قرع الباب أوشك أن يفتح له.
قال تعالى :
((و قال ربكم ادعوني أستجب لكم ))
(غافر :60).
وقصة نبي الله أيوب – على نبينا عليه السلام- خير شاهد.
قال تعالى :
(( و اذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب و عذاب(41) اركض برجلك هذا مغتسل بارد و شراب (42) ووهبنا له أهله و مثلهم معهم رحمة منا و ذكرى لأولي الألباب(43) و خذ بيدك ضغثا فاضرب به و لا تحنث إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب(44)))
(ص:41-44)
قال علماء التفسير و التاريخ و غيرهم:
كان أيوب رجلاً كثير المال من سائر أصنافه و أنواعه، من الأنعام و العبيد و المواشي و الأراضي المتسعة بأرض حوران، و كان له أولاد و أهلون كثير، فسلب منه ذلك جميعه، و ابتلي في جسده بأنواع البلاء ، و لم يبق منه عضو سليم سوى قلبه و لسانه، يذكر الله عزوجل بهما ، و هو في ذلك كله صابر محتسب ، ذاكر لله عزوجل في ليله و نهاره و صباحه و مسائه و طال مرضه حتى عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، و أخرج من بلده و ألقي على مزبلة خارجها، و انقطع عنه الناس و لم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته ، كانت ترعى له حقه و تقوم له بشأنه، و تترد إليه، وكان الناس لا يستخدمونها في الخدمة و المهنة، فعمدت إلى إحدى ضفيرتها فباعتها لقاء طعام تأتي به زوجها، ثم باعت الأخرى، فأنكر أيوب الطعام التي تأتيه به، فحلف أن لا يطعمه حتى تخبره بأمره، فكشفت عن رأسها، فلما رأى شعرها محلوقاً دعا ربه: (( أني مسني الضر و أنت أرحم الراحمين))
( الأنبياء: 83)
فاستجاب له ربه، و أعاد له صحته، ورزقه العافية، و أصلح له شأنه، ورزقه المال و الذهب الكثير ، ورزقه أهله و مثلهم معهم رحمة به جزاء على صبره على البلاء(3).
و عن الإمام مالك بن أنس – رحمة الله- قال:
كان رجل من أهل الشام قد وضع عند محمد بن المنكدر ثلاث مائة دينار، فغاب الشامي ، و قدم و قد استنفق ابن المنكدر المال فقال له: ارجع إلي أهيئه لك إن شاء الله ، قال :وليس عندي منها قليل و لا كثير، فجعل محمد يذكرها، و يدعو، و يتضرع إلى الله عزوجل و يقول: يارب أمانتي.
فسمعه عامر بن عبد الله بن الزبير وهو يدعو في صلاته، فخرج عامر، فوزن ثلاث مائة دينار، ثم جاء بها، و كان محمد إذا سجد أطال السجود، فوضعها عامر على نعليه، فلما رفع محمد بن المنكدر رأسه وجدها، فذهب بها إلى منزله، فإذا فيها ثلاث مائة لا تزيد و لا تنقص، و غدا عليه الشامي، فدفعها إليه(4).
فالتزام الدعاء في السراء و الضراء من أسباب الشعور بالتأييد من الله سبحانه و تعالى، و من أسباب السعادة في الدنيا و الآخرة.
(1)أخرجه أحمد(2/443و447)، و الترمذي(3373)، و ابن ماجة(3827) من حديث أبي هريرة و سنده حسن.
(2)وهو قول مأثور لأبي هريرة- رضي الله عنه- بسند حسن عند ابن حيان (موارد:1939).
(3)انظر "قصص الأنبياء" لابن كثير (ص:308).
(4) انظر "المستغيثين بالله" لابن بشكوال (ص: 100).

منقول من كتاب
عمرو عبد المنعم سليم – كيف تكون أسعد الناس، الطريق إلى السعادة الحقيقة و أسرار الوصول إليها- ص 18-21

[/size][/center]

» ما حكم رفع اليدين في الدعاء؟
» الأشياء التي لا قيمة لها
» فائدة قيمة من تفسير
» الدعاء
» سر الدعاء....................