السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتيتكم بموضوع اليوم تحت اسم ثق بنفسك ولاتهنها
لكن بشروط وامور تضمن لك العزة مع الثقة بالنفس وهذه الشروط تعلمك كيفومتى يجبأن لاتهين نفسك.
قبل ما أدخل في صلب الموضوع أنصح أن تقرأ هذه المواضيع:الأعتزاز بالنفس:المسلم والثقة بالنفسخمسون طريقة لتعلم طفلك الثقة بالنفسوالآن ندخل في الموضوع:لا تهن نفسك
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سأبدأ معكم بسؤال هل تحب نفسك؟ ولعلك ستشعر بالاستغراب والعجب من هذا السؤال، ولا أقصد بحب النفس الأنانية، بل أقصد معناً ثانٍ فهل تحب نفسك بأن تعزها؟ هل نفسك غالية عليك؟ هل نفسك كريمة عليك جدا؟.
دعونا نقول أن هناك نوعين من حب النفس: حب النفس بمعنى الأنانية، وهذا المعنى المنتشر والسائد، أما المعنى الثاني لحب النفس بأن يعز الإنسان نفسه، ويقدرها، ويكرمها، ولا يهينها. وللمزيد من التوضيح إن الله تبارك وتعالى عندما خلق الإنسان أوجد فيه ثلاث غرائز أساسية وهم: غريزة الأكل والشرب، وغريزة الجنس، وغريزة الاعتزاز بالنفس والشعور بقيمة النفس. أما غريزتي الأكل والشرب والجنس فواضحتان جداً أما الغريزة الثالثة فتحتاج للمزيد من التوضيح، فمن حب النفس بأن نفسك غالية لذلك نجد أن كل فرد يحب أن يذكر إنجازاته، ويعتز بإنجازاته وتاريخه ويتحدث عنها دائما، لماذا؟ لأن الله أوجد في كل شخص فينا غريزة الاعتزاز بالنفس، وتقدير الذات، فتأثير هذه الغريزة تقوم بالحديث عن الإنجازات وتجنب الفشل بل وتعود هذه الغريزة بأننا نكره الغيبة والنميمة لأنها تجرح الناس فبتحليل نفسي لغريزة حب النفس نرى أنها السبب بأننا نحب النجاح والستر، ونكره الفشل، والغيبة والنميمة، ونكره الفضيحة.
وبالرجوع إلى إحصائية أجريت في بعض الدول الأوروبية عن أكثر كلمة تستخدم بين الناس في الحديث على الهاتف فوجدوا أن كلمة "أنا" هي أكثر كلمة تستخدم، وهذا لا يعني أن الناس كلهم تملأهم الأنانية، ولكن هذا دليل على وجود غريزة تقدير الذات. ودعوني أسال سؤال آخر لم ربنا أوجد هذه الغريزة؟ فالهدف من غريزة الأكل والشرب بقاء الجنس البشري، والهدف من غريزة الجنس استمرار الجنس البشري، أما الهدف من غريزة حب النفس فهو عجيب جداً وهو أن الله تبارك وتعالى يحبنا جداً، فطالما وجدت غريزة الاعتزاز بالنفس يقل الانحراف في الأرض لماذا؟ لأن كل واحد فينا يريد أن يحب نفسه ويكرمها ويبعدها عن الفضيحة، ويريد أن يستر فيبتعد عن الذنب والمعصية والفضيحة، فوجود هذه الغريزة يحمي الأرض من الانحراف، فنجد الأب لا يُخطئ ببيته لكي يبقى محترم بين أبناءه فيُحفظ البيت، ولا يذنب في عمله لكي لا يفقد احترم زملائه في العمل. فهذه الغريزة تقود الإنسان إلى النجاح وتؤدي الى عمارة الأرض وعدم انحراف المجتمع.
وللأسف أن هذه الغريزة يتميز بها الغرب عنا، فلم نعد نشعر بقيمة أنفسنا والله تبارك وتعالى أرسل لنا رمضان فرصة لتكريم النفس وتسلسل الشيطان الذي يهين النفس. ومن العجيب أن علماء النفس عندما حللوا لحظة وقوع الإنسان في المعصية أو الإهانة أمام الناس وجدوا أنها تكون عندما تسقط نفسه أمام عينيه، أي تصبح نفسه بلا قيمة. ومن المهم ذكره هنا أن الكبائر سميت بالكبائر لأنها أكثر شيء تهين الإنسان وتفقده قيمته، فمن الكبائر شرب الخمر، فنرى شارب الخمر يتقيأ والناس تضحك عليه ويتبول في الشارع وهذا منتهى الإهانة فلذلك سميت كبيرة، والزنى كذلك فيه إهانة شديدة، فأكثر أمور تهين نفسك هي الكبائر، فهي كبائر لأن فيها إهانة كبيرة للنفس.
فنرى أن الشرع وجد ليكرم النفس البشرية، فدعونا أسالكم هل تشعرون أن أنفسكم كريمة؟ فهل الأب يشعر أن أبناءه فرحين أن أباهم نفسه كريمة؟ وكيف يشعر الشاب الذي أهان نفسه بكذب أو سرقة وهو يجلس بجانب أبيه الآن؟ أسأله هل تشعر بالإهانة؟ فمحاضرة اليوم موجهة للشباب من يبلغ منهم الساسة عشرة عاما، خاصة لأن إهانة النفس أصبحت أمرا يسيراً عليهم، وهناك ناس أهانوا أنفسهم إهانة شديدة. ودعوني أطرح عليكم أمثلة على إهانة النفس :
1. مدمن المخدرات مهين لنفسه.
2. شارب الخمر مهين لنفسه فمن سبب تحضيري لهذه المحاضرة أنه أثناء مسيري في يوم العطلة في الغرب يوم السبت في أوروبا وشاهدت السكارى ومقدار إهانتهم لأنفسهم. ومن الغريب أنه في بلادنا يحثوا الشباب على الشرب ليصبح رجلاً، للأسف ربطوا الرجولة بإهانة النفس.
3. الخائن لزوجته، مهين لنفسه لأنه يبالغ في إرضاء زوجته لكي يستر على نفسه الخيانة، وأذكر قصة رجل يرتكب كل أنواع الحرام مع النساء ففتح المجال لزوجته بعمل كل ما تريده لكي يبقى على راحته حتى أصبحت زوجته عشيقة، فبكي هذا الرجل، من ماذا؟ من ذل نفسه لأنه أهان نفسه، وفضح زوجته أمام أهلها، فالزوج أهان نفسه والزوجة أهانت نفسها فكانت نتيجة هذه الإهانة الطلاق.
4. تحرش الشباب بالبنات مهين للنفس، الشاب الذي يقود سيارته ليتحرش بالبنات فتسبه البنات فيضحك ضحكة تعبير عن حقيقة تعبير عن شعوره بالذل. ومن إحدى هذه قصص أن أحد الشباب الذي كان يقوم بمغازلة البنات مسكه أخو إحدى الفتيات التي كان يتحرش بهن في الشارع، فكانت النتيجة أن ذل نفسه وبكى طالباً الصفح وأنه لن أكررها، فلا تعرض نفسك للإهانة والذل وتقترف مثل هذه الأفعال.
5. والكاذب يهين نفسه، خاصة يوم تكشف كذبته أمام الناس.
6. الغيبة تهين النفس، فمن تغتاب سيدة ومن ثم تواجهها من اغتابتها بما قالته فتخجل الأولى من نفسها، وتكذب كذبة جديدة، وذل وإهانة جديدة للنفس.
7. السارق مهين لنفسه خاصة يوم تكشف سرقته. وسأقص عليكم قصة موظف في محل كان عندما يحاسبه صاحب المحل ينقص في كمية الفلوس فشك به صاحب المحل فاتفق مع صاحب له أن يشتري من المحل بيعة كبيرة، وفي آخر النهار يرجع البضاعة، وفعلا ذهب صديق صاحب المحل واشترى الكمية الكبيرة وصاحب المحل غير موجود ومن ثم جاء صاحب المحل وسأل الموظف عن كمية ما باعه فقال قليل جداً ولم يذكر صاحب البيعة الكبيرة، وفي آخر النهار رجع صديق صاحب المحل فقبل أن يتكلم بكلمة أُغشي على الموظف من الذل.
8. الشاب الذي لا يغض بصره، ويتحرى الأماكن التي فيها النساء فهو ذليل ويشعر بداخله بالذل.
9. السيدة التي تلبس لبس غير محتشم في الشارع ذليلة لأنها جُرحت بالكلام، وسُرقت منها نظرة وخُدش حياءها لأنها أذلت نفسها بما لبسته.
كل هذه نماذج لناس أهانت نفسها وفضحتها، ولكن من العجيب حتى أن الناس التي لم تفضح فيكفي الإحساس بأنها تقوم بعمل شيء تخجل منه، والإحساس بالضعف، والاحتقار، والإهانة، ولذلك العاصي يشعر برغبته بالنوم بعد المعصية لأنه يريد أن يغير ما يشعر به من حقارة وذل، ومن العجيب أيضاً أن الله تبارك وتعالى حتى عندما لا يفضح الإنسان يظل يشعر المذنب بشعور غريب بصراع، فمثلا عندما تخون شخص و يسلم عليك تبدأ في الدخول في صراع هل كُشفت أم لا.
هل شعرت بنفسك أيها الشاب وأنت تذل نفسك وتلاحق الفتيات؟ هل شعرت بنفسك أيتها الشابة وأنت تتحدثي مع شاب هاتفياً حتى الساعة الثانية فجراً وعندما كشف أباك الأمر كنت مهانة الى أي درجة؟ أيها الشاب الذي كذبت على والدك وقلت له أنك نجحت هل شعرت بالذل عندما كشفت كذبتك؟ أنتم كرماء لا تهينوا أنفسكم يا من تبلغ من العمر ستة عشر عاماً، أنت رجل فلا تهن نفسك. وأقول للمجتمع وللمؤمنين لا تهينوا أمتكم فنحن أمة كريمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز أن نهين أنفسنا فمن العجيب أن الناس لا تحب الشعور بالكرامة وعزة النفس.
ومن العجيب أن الإنسان عندما يهين نفسه يشعر بالذل من داخله رغم أن الله تبارك وتعالى يكون قد ستره فالآية التالية تتكلم عن المنافقين "... يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ" (سورة المائدة، آية{4}